من بين أكثر الأشياء تبايناً بين خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه الرئيس بوش العام الماضي وبين خطاب هذا العام، أن الخطاب الأخير كشف عن تغير نبرة استجابة الحزب "الديمقراطي" التي اضطلع بها العام الماضي من بدا "أسداً" حزبياً، في حين اضطلع بها هذا العام "حَمَل" فوق حزبي، إن جاز التعبير. ففي العام الماضي جاءت الاستجابة "الديمقراطية" من "جيم ويب" السيناتور "الديمقراطي" عن ولاية فرجينيا، الذي كان قد انتخب تواً في ذلك الوقت لعضوية مجلس الشيوخ، وهو معروف بأسلوبه العدائي في التعامل، وكان قد ألقى في ذلك الوقت خطاباً يتماشى تماماً مع نمط شخصيته استشهد فيه بأعمال رؤساء أميركيين سابقين مثل الرئيس "تيدي روزفلت" الذي تصدى لمن أُطلق عليهم في عهده "البارونات اللصوص"، والرئيس "دوايت أيزنهاور" الذي وضع نهاية للحرب الكورية، وقد وصفهما بأنهما رئيسان اتخذا في حينهما الإجراء الذي يصب في مصلحة الشعب الأميركي في المقام الأول. وإذا ما تركنا العام المنصرم وانتقلنا إلى ليلة الاثنين الماضي فسنجد أن الذي حل في تلك الليلة محل "جيم ويب" كان "كاثلين سيبيليوس"، وهي الأخرى تعد وجهاً جديداً في الكونجرس. ومع ذلك فإن طبيعة الرسالة التي نقلتها كانت تختلف تمام الاختلاف عن رسالة "ويب". ففي الكلمة التي ألقتها سيبيليوس، التي كانت تجلس أمام مدفأة ووسط أوانٍ للزهور موزعة حولها، حاولت المرأة أن تبدو فوق حزبية إلى درجة لفتت انتباه كبار "الديمقراطيين" الذين قالوا إنها لم تذكر شيئاً ذا بال عن إنجازات حزبها. فبدلاً من التحدي العدائي الذي مثله "ويب" لبوش في العام الماضي، والذي طالبه فيه بأن "يقود الأمة كرئيس قادر، أو يتنحَّى عن منصبه"، كانت رسالة سيبيليوس أكثر مهاودة حيث قالت: "انضم إلينا يا سيادة الرئيس! فنحن الأميركيين لسنا خائفين من مواجهة خيارات صعبة، ولكن كل ما هنالك أنه لم يعد لدينا مزيد من الصبر على السياسات الانقسامية". وهذه الرسالة الجديدة والنغمة المعدلة ليستا من قبيل الصدفة حيث تعكسان القلق المتنامي السائد بين "الديمقراطيين" بسبب أن التغير الذي حدث في قيادة الكونجرس لم يؤد إلى تحقيق الكثير من النتائج الموعودة. وحول هذا الأمر قال أحد الاستراتيجيين الأميركيين المقربين من قيادة الكونجرس "الديمقراطية": "من الواضح أنه ليس بمقدورنا أن نقاتلهم حتى نحقق نصراً عليهم، ولذلك فإن الشيء الطبيعي عندما لا نستطيع أن نسقط خصمنا أرضاً، هو أن نجرب نهجاً آخر". والرسائل المختلفة لعامي 2006، و2007 تعكس الصراعات الداخلية للناخبين الذين يحاول "الديمقراطيون" اجتذابهم. فهم كما يقول أحد "الديمقراطيين" من أعضاء الكونجرس "يريدون من ناحية حزباً يتمسك بمبادئه، ومن ناحية ثانية يريدون أن يتبنوا موقفاً يقوم على أن الشر لو حدث فسيطال الجميع بلا استثناء". وقد أضاف هذا النائب:"في الوقت الذي ينحون فيه باللائمة على الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين، إلا أننا إذا تمعنا أكثر في هذا الموقف، سنجد أن هناك قلقاً عاماً بشأن الحالة الحالية للعملية السياسية في الولايات المتحدة الأميركية، ما يدفع الجميع إلى العمل سوياً من أجل الخروج من المأزق الصعب". وهذا النمط من "العمل سوياً" لا يروق للحزبيين العنيدين، وهو ما بدا واضحاً في عنوان ظهر في أحد منتديات الإنترنت يقول "أعيدوا إلينا جيم ويب" كما بدا واضحاً في المقال الذي كتبه "تود بيتون" في موقع "ماي دي. دي. كوم" يقول: إنها تطلب من بوش أن ينضم إلينا؟ هل تمزح أم ماذا؟". أما بالنسبة لموقف المرشحين الرئاسيين فإن هيلاري كلينتون تقول إنها تعرف جيداً كيف تتعامل عبر الخطوط بين الحزبين، ولكنها تعرف جيداً أيضاً كيف تتمسك بمواقفها ومبادئها. أما "أوباما" فيزعم أنه قادر على التسامي فوق الحزبية ليس من خلال الاستسلام للطرف الآخر، ولكن من خلال إقناعه بالانضمام إليه. وعلى العموم يمكن القول إن الأسابيع القليلة القادمة ستبين لنا أياً من الرسالتين ستصل إلى أذهان وقلوب الناخبين "الديمقراطيين"، هل هي رسالة القبضة التي كان "ويب" يلوِّح بها، أم رسالة الذراعين المفتوحتين التي بشرت بها سيبيليوس. ــــــــــــ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"